الأقسام الرئيسية

الشاعر عارف الساعدي - قصيدة "ما لم يقلْه الرسّام"

. . هناك تعليق واحد:
رَسَمتُ غيمًا ولم أرسِمْ له مَطَرا
لكنّه كسرَ اللوحاتِ وانهَمَرا وفزّز الماءُ طينًا كان مُختَبِئًا
في لوحتي ناطرًا في صمتِهِ المطرا وكان في الطِّينِ حُلْمٌ لو منحتُ لَهُ
وقتًا نَدِيّاً لكانَتْ لوحَتِي شَجَرا لكنّه انفرطتْ ألوانُنا فإذا
هذا الرماديّ ليلاً يصبغُ الفُقَرا لا لونَ في اللون كانت لوحتي وطَني
وكنتُ أمتَدُّ في أحلامِهِ حَذِرا نهران طفلان مَرَّ اللون فوقَهما
فَرَفْرَفَا.. واستراحا.. بَعدَها كَبُرَا وسافرا.. ما استطعتُ الآنَ مَسكَ يدي
فإذ بِنا نعبرُ اللوحاتِ والأطُرا مسافرون وإذ لا شيءَ يُوقِفُنا
وخلفَنا أَنهُرٌ مخبولةٌ وقُرَى يا لوحةَ الوطنِ الصوفيِّ مَن رَسَمَ
المعنى؟ وحَمَّلَ أشجارَ الصِّبا حَجَرا؟ ومَن تَلَكَّأَ في الالوان وارتبَكَتْ
سماؤهُ فأراق اللونَ واختصرا إذ ليس مِن قمرٍ في الرسمِ مُنشَتِلٍ
فكيف أرضى بِرسمٍ ناقصٍ قَمَرا؟ حزني إذا أكمل الرسامُ لوحتًه
اعاف بيتاً له ام ظلّ منتظرا ينسى ويَرسِمُ والدنيا تدورُ به
وظلّ يرسِمُ عُمْرًا يأكلُ العُمُرا لا بيتَ تسكنُهُ ألوانُ لوحتِهِ
ولا مراسيَ حتى يُطفئَ السَّفَرا رملُ الحكاياتِ ذَرَّتْهُ الرياحُ على
باقي أمانيهِ حتى اسّاقَطَتْ كِسَرا حتى استفاقَ رصيفٌ في قصائدِهِ
لكنَّهُ فَقَدَ الأقدامَ والبَشَرا هذا الذي ابتكرَ الانسانَ من تَعَبٍ
وكان يزدادُ حُزنا كلَّما ابتَكَرا وكان يرسمُ بلدانًا ينامُ بها
لأنَّ لوحتَهُ مملوؤةٌ ضَجَرا أطفالهُا لم يناموا منذ أن رُسِموا
فهل سيرسمُ نومًا مشبعًا وكرى؟ وهل سيرسمُ أُمًّا حضنُها وَطَنٌ؟
ينام في دِفْئِهِ مَن أدمنَ السَّهَرا أُمًّا تفيضُ مَوَاوِيلاً وأدعِيَةً
وحين تنعى وتبكي يشبعُ الفُقَرا وكان يرسمُ بلداناً ويحسدُها
وكان يشتمُ أَهلِيها إذا نَظَرا لانَّهُ رَشَّ رِيفًا فوقَ ضحكتِهِمْ
وكان يرسمُ طينًا مُورِقًا صوَرا وكان يرسم أبوابًا مُفَتَّحَةً للناس
يدخلُها مَن تاب .. مَن كَفَرا الكلُّ يدخلُ مِن أبوابِ لوحَتِهِ
إلاّه ظَلَّ  على الأبوابِ مُنَتظِرا

هناك تعليق واحد:

بحث

اشعار العرب

المشاركات الشائعة

الأرشيف

التسميات