الأقسام الرئيسية

قصيدة نحت.أحمد عبد المعطي حجاري

. . ليست هناك تعليقات:
لستِ صاحبةَ الجسدِ
إنَّه كائنٌ لم تكونيهِ حين دخلتِ هنا فجأةً
وجلستِ على مقعدي
زائرٌ غامضٌ
جاء كالظلِّ متَّشحاً بثيابكِ ثمَّ تجرَّد لي
وتَفرَّدَ في رُكنِه المفرَدِ
فاتركِيهِ بمُفتَرَقِ الوقتِ، وابتعدي
سوف أكشفُ عن سِرِّه
وأحاوِرُه بِفَمٍ ويدِ
وأذكِّرُه بطفولتِهِ
بالزمان الذي يسبقُ الذكرياتِ،
وبالكلماتِ التي ليس تُنطَقُ
لكنَّها عربَداتُ دمٍ فرحٍ بالصِّبا
ذاهلٍ عن صباحِ غدٍ ومساءِ غدِ
وليكنْ نَمِرًا جائعًا
سأَصُبُّ له قَدَحًا من نبيذٍ
وأُشعِل من أجلِه موقدي
أو يَكنْ فَرَسًا جامحًا
تتماوَجُ أعرافه في السرابِ،
سأتبعُهُ في السرابِ
إلى أن أعودَ به آخر الأمَدِ لا أُرَوِّضُهُ
كيف أمسِكُ بالبرقِ
كيف أشدُّ على جمرةِ الروحِ بالمَسَدِ
بل أراقِصُهُ طيلةَ الليلِ،
حتى يعودَ معي بالضُّحى مَرمَرًا صاحيًا
يتفجَّر حُرِّيةً في المكانِ

ويرتَعُ جذلانَ في زمنٍ سَرمدِ
كاشفًا عن نقاءِ سَريرَتِه
يتعقَّبُ شهوتَه

ويلَملِمُها من أماسيّ ضائعةٍ
وحدائقَ موحشةٍ
ويُصَوِّرُ من عُريِهِ الداخليّ رؤىً
تتجلَّى مشاهدُها فوق أعضائِهِ
مشهدًا يتفتَّحُ عن مشهدِ
في شُفوفٍ من الظلِّ والنورِ
تنهلّ من فوقه مطرًا غسَقيًّا
وتَرسُم أنفاسَهُ نَبَضاتٍ مُنَمنمةً
وهو يخلع من نسجِها الحيّ أو يرتدي
كلَّما مدَّ ساقًا
أو انفلتَتْ منه تنهيدةٌ،
أو أقام يُكَشِّفُ عن جيدِه الناصعِ الأغيَدِ
ويمسدُ من شعره الفاحم الأسودِ
وقَفَ الوقتُ في لحظةٍ
ثم عاودَ إيقاعَهُ من جديدٍ
يظللُ تحت رُبى غَضَّةٍ
ويُشَعشِعُ فوق فوق ذُرىً نُهَّدِ
مثل ينبوع ماءٍ ترَقرَق فوق حصىً
فسجا مُعتِمًا في الظلالِ،
وأشرقَ إشراقةَ الزَّبَدِ
قلتُ للجسدِ
وقد انطفأتْ في مدى الليلِ جذوَتُهُ
واستحال إلى فكرةٍ تتماثَلُ في خَلَدي
عُدْ كما كنت يا سيّدي
غيرَ أن الذي كان لم يَعُدِ
كن مدون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث

اشعار العرب

المشاركات الشائعة

الأرشيف

التسميات